الخميس، 22 نوفمبر 2012

بورتريه مختلف



تخيلك للبشر من حولك قد يختلف تبعًا لاحتمالات كثيرة، الطيب والشرير. الذكي والغبي. الغني والفقير. أنماط كثيرة وتتكاثر على مر السنوات واختلاف الثقافات والحضارات والمجتمعات ولكن ما لا يختلف أبدًا هو الطقوس التي يؤدي بها الجميع دينه وإن اختلفت في بعض الأشياء هنا وهناك ولكنك ستجدهم على اختلافاتهم مُجتمعين حول مزار لولي من أولياء الله الصالحين أو لقديسٍ ما.

وجوه مختلفة رأتها هي في 4 أماكن مختلفة ولكن نفس الحالة كانت موجودة لدى جميع المُتحلقين حول مزارٍ ما. الألسنة التي تلهج بالفاتحة والأدعية والأعين المغمضة أو الباكية وهؤلاء الذين يملئون تلك الأماكن لاستغلال الحالة الروحانية أو أحيانًا حالة الضعف النفسي التي يأتي بها الناس لمثل تلك الأماكن بحثًا عن راحةٍ ما بحثًا عن سلامٍ نفسي يُمكنها من الصمود حتى إشعار أخر هؤلاء الذين يبيعون لك الدعوات حتى تُعطيهم مالك بصدر مطمئن أنك أخذت مُقابله دعوة تُريحك أنت على أنها قد تكون بالفعل لك بقلب متلهف على الدعوة لك ولك أنت بالذات دون كل من يتواجد حولك بالمكان، إحساس زائف بالأهمية مقابل بضعٍ من أموالك أو دعوة ضدك إن لم تُعطيهم شيء وقد تخشاها فترجع عن قرارك بعدم الدفع
.

رأتهم سيدات مسنات مختلفون جدًا عن كل المتسولات اللاتي تُقابلهن في أماكن متعددة، هن اللاتي تحملن أطفال على أذرعهن وترمي بكرامتها تحت أرجل العابرين بالطريق عوضًا عن البحث عن عملٍ ما يكفل لها حياة أكرم ومالٍ قد يكون من الناحية الدينية أحل لها
.
سيدات يفترشن المسجد أو حوله يتمتمن بالدعاء لكل من ترى فيه لمحة من قلب حنون تكسره هي بنظراتها ودعواتها وانكسارها أمامك.

بعضهن لا يطلبن، هن فقط متواجدات حول المزار بتعدد حكاياتهم وشدة تصديقهم في قوة وبركة صاحبة المقام يجلسن بجانبها ويكتفين بالدعاء وبأي مما يُعطيه لهن من الزوار. البعض في الأماكن المزدحمة يكون على قدر من الفظاظة معك لازدحام المكان بالمتسولين فلن يتقبل أن يكون فوق ذلك أن تؤثر أنت عدم الدفع أو حتى الدفع لأحدٍ أخر
.

من يستحق أن تحكي لك عنه بالفعل هو أنها في 4 مساجد لأولياء الله رأت وجوه مختلفة البعض قد بدا عليه وكأن هذا هو الحبل الذي سينقذه من الغرق الدعاء هنا بلهفة هو الغطاء الذي سيحميهم، من تمسك بأوراق تبدو قادمة من مستشفى ما حتمًا قريب من المسجد جلست بجانبها منتظرة الصلاة وفقط لا تفعل شيء سوى تحريك شفتيها بدعاء ما لم تستطع تفهم الكلمات والنظر للحائط والبكاء والأوراق أمامها، أرادت الاقتراب منها وسؤالها لعلها تُخفف عنها بأن فقط تستمع لها ولكنها في نفس الوقت خشيت أن تقتحم عليها خلوتها بالمكان المزدحم
.
من يجب أن يُحكى عنه هو تلك السيدة ذات الشعر الأبيض القصير التى دخلت بصحبة فتاة تبدو في العشرين وكلاهما لم يلبسن أي حجاب وهو أمر رأته غير مألوف في مكان كهذا ولكن ربما لانشغال الآخرين بدعواتهم لم ينتبهن لذلك، دخلتا واتخذتا موقعهما ووقفتا لتقرأ أو تدعوا بما أرادتا.
وهذا المزار الذي يملأه الورود، تشتريها السيدات قبل الدخول من عجوز ذات ابتسامة جميلة ثم يدخلن يُلقين السلام على صاحبة المزار وقراءة الفاتحة لها وإعطائها هديتها ورجائهن لها أن تتقبلها ثم الدعاء.
ثم المسجد الأخر الذي لم يكن به غير أعداد قليلة ولكن العدد الأكبر كان بالجهة الأخرى عند المزار. لم تقتنع هي أن تقف لتدعو هنا هي فقط اكتفت بإلقاء السلام وقراءة الفاتحة ثم مراقبة من حولها. الوجوه جدًا مختلفة واللهجات مختلفة فالبعض قد جاء من مسافات بعيدة والأدعية والطلبات بالتأكيد مختلفة وحتى الدموع تختلف.

بعض الحكايات أن من تُريد الحظ الجيد السعيد عليها زيارة جميع الأولياء، ومن تُريد الشفاء أو من تُريد النسل أو أي أحد يُريد ما يُريد يذهب للتبرك بهم
..
ثم لماذا توسط آخرين بينك وبين الله ثم تنتظر أن تُلبى دعواتك هكذا !
لم تفهم هي لماذا لا يفهمون ذلك؟
لم تعرف أنها ستكسب بالفعل أكثر منهم، هي ذهبت بحثًا عن مكان روحاني تنفصل فيه عن كل عالمها وقد تحققت أمنيتها لذلك لعل في الأمر بعض الحظ الجيد بالفعل .. هي وجدت ما تبحث عنه، وجوه مختلفة بحكايات مختلفة في أماكن مختلفة وكلها تملك نفس الطلب "راحة البال" ولكن طلباتهم هم مغطاة بأشياء كثيرة أخرى وهي كان طلبها أبسط ..

القصص في تلك الأماكن لا تُعد ولكنها تظل قصص شخصية وهي أيضًا قصص سينظر لها بنظرات مختلفة ولكن في هذه الأماكن تجمع الطيب والشرير. الذكي والغبي. الغني والفقير وكلٍ يبحث فيها عن معنى جديد لحياته
.


ساره عاشور

الخميس، 8 نوفمبر 2012

لا جديد


قراءة الفنجان لن تكون صعبة، ماذا يفعلن هؤلاء السيدات سوى إعطائكِ أمل أو خسفكِ بالأرض على حسب ما تعطيهن من أموال وأنا لا أريد سوى بعض الأمل لنفسي، إذًا أنا لا أرى في هذا الفنجان يافتاة سوى خط عمر طويل ها هو ذا و خط حظ مميز ترينه هنا موازٍ لخط العمر وهناك في منتصفهما يوجد رجل أنيق مبتسم .. سيقع بطريقكِ قريبًا .. أرايتِ ليس صعبًا على الإطلاق.
قلت لصديقتي التي تحاول أن تنجو بروحها من ثُقب الحزن الأسود الذي يبتلعها شيئـًا فشيئـًا.

 فنظرت لي نظرة شبه فارغة وقالت: ليتني أستطيع فعل ذلك، أمسك بالفنجان لا لأقرأه بل لأبُث به أمنياتي أملًا في أن يُحققها وكأنه جني المصباح لا يَهُم مُسماه فنجان .. مصباح .. المهم أن أجد لأمنياتي حقيقة، الأفلام عبثت بعقلنا حتى النخاع !
ضحكت .. فهناك بالفعل شبه حقيقة في هذا. لا نُحب إلا كما يُحبّون في الأفلام ولا ننفصل إلا بشكلٍ درامي يُشابه ذلك الذي على الشاشة. الممثلون يُقلّدون بشر والبشر يُقلدونهم وما عاد أحدٌ يعلم أين الأصل في كل هذه الأحاسيس المُقلّدة. نغضب كما يفعلون فنحطم كل ما يُصادف وجوده أمامنا فقط لأنهم يفعلون ذلك ونحزن مثلهم وحتى عند فرحنا أو إلقائنا للنكات غالبًا لا يخرج ذلك أيضًا عنهم. لم يعد الشخص يعلم إحساسه الخاص به هو دون تلويث الأفلام أو ردّات فعله.

حينما يسحبها الحزن داخل دائرته لا تقاومه أو لم تعد تقاوم فهو كالرمال المتحركة كلما قاومتها كلما تعمّقت قدماك داخلها أكثر، فاعتادت عدم مقاومته. يأتي فيستهلك الحزن نفسه ويذهب، تعتقد أنه ربما هكذا ستصبح الفترات بين زياراته أطول قليلًا.

ولكن دائمًا ما يغلبها الملل فيأتيها الحزن راكضـًا وكأنه إفتقدها.

تقول لي إنها ما ترى في نفسها أسوأ من حب الامتلاك والملل ودوامة الحزن التي تبتلعها بين الاثنان. يتبع أيهما الأخر فدومًا تمّل من شيء طال أمد رغبتها في امتلاكه حتى إذا بات بين يديها زهدته فيسحبها ثقبها الأسود.
أعتقد أن حُزنها لا يُشبهنا، نحن نحزن على فقدنا ونحزن لأننا لن نستطع تعويض ما نفقد ولكنّها تحزن لامتلاكها ما أرادت وتحزن لأنها تُريد البحث عن غيره حتى لما لم تعرف ما تريد تاليًا فتزهد الحزن ذاته. دائرة مفرغة لا تخرج منها ولا يخرج منها شيء بشر أو أشياء ماعداي.
هي تنظر لي بإعتباري نقطة توازنها أو مرآة لداخلها، فلا أحد يفهم حالاتها مثلي، قد كنت مثلها يومًا والآن أحاول جاهدة أن أنقذها قبل أن تستهلك روحها.

كان لديها نقطة إتزان غيري، كانت تُسند قلبها عليه وكان يُريحها من شروخ روحها المتزايدة تلك.

ولكنه صار ككل شيء عندها قابل للترك. فتركته لتبحث عن غيره ووضعت توازنها على عاتقي، ولن أخذلها.

طلبت منه أن يظلا أصدقاء فضحك بإنكسار على برائتها المصطنعة، قال لها كيف يمكن بعد أن أطلقت قلبي بأقصى سرعته نحوك أن تطلبي منه فجأة أن يتوقف ويضع حدودًا بينك وبينه !
هل تظنين حقًا أن ذلك ممكنًا؟! بكل سهولة هكذا أصبح صديقك !
كانت تتحدث بعفويتها المعتادة فهي أحبت امتلاكه ولكن ها قد تسرب الملل لقلبها فظنته سيكون كالعجين السهل تشكيله بيدها، قالت له فترة قصيرة فقط وسنعود كما كُنا بل أظننا سنصبح أفضل.
اتخذ بضع خطوات للخلف وهو ينظر لها بريبة ليتأكد أنها بالفعل تتحدث بجدية و أذهلته لم يعلم أنها تملك هذا التأثير على الناس أو لم يتوقع أن يراه عليه هو. ابتسم لها وقال ما انكسر لا يعود لذا لا يمكنني أن أكون صديقًا لك بل لا يمكنني أن أنطق اسمك ثانيةٍ بحياتي يكفيني ما كان وابتعد ..
وقفت في حالة لا يمكنني بالفعل وصفها فهي لم تتوقع منه ذلك، هي تمتلكه وظنت ذلك، لن يتركها مهما كان السبب ظنت ذلك فعلًا ولكنها أخطأت السبب فلا يمكن لأحدهم أن يقبل ذلك. تلك اللعبة التي تحيا بها هذه الدائرة التي لا تستطيع التخلص منها، لا يمكن لأحد أن يتماشى معها وهي لم تحاول أن تتخلص منها لأجله ولأجل حُبها، ظنت أنها لن تؤثر على علاقتها به فلم تحاول ..

وعادت تبحث عن الجديد الذي ستحاول تملّكه بعد قضائها فترة حزنها عليه، لم تعلم أنه سينتظرها. سينتظر أن تتغير وتعود لقلبه.
لم تعلم لأنها لا تُريد أن تتغير، لا تُريد التخلص من هذه الدائرة فهي تحميها، لا تدعها تقترب مسافة كافية من أحدهم حتى يكسرها بل هي من تتحكم في المسافات والحدود وهي من تقذف بنفسها لدوامة الحزن إن أرادت أن تُكفّرعن ذنب أحدهم. تظن أن ذلك سيطهر روحها ويحميها من أن يُرد بها ما تفعل، إن حزنت بشكل يليق بالفعل بكل شخص سَيُزال ذنبه عنها لتعود بصفحة بيضاء ورغبة جديدة.

ما لم تأخذه في حساباتها هو أنها ستمل هذه الحالة في يوم من الأيام ستتملكها تلك الرغبة في الاستقرار، وما لم تدري به أن رغبة الاستقرار هذه لا تُترجم داخلها إلا باسمه هو.
فلا مفر الآن من الحزن ولا خروج منه إلا إليه ولا توازن سأستطيع أن اُعيد ولا أمنيات على نجوم ستُعيده ولن يُعيده سواها. تذهب فتتطهر أمامه وتُعلن خطأها وتبكي له حُبها وتطلب أن يملك هو إتزانها مجددًا ويحفظ لها كرمتها ويُسقط المسافات بينهما ويقترب لتلك المساحة التي لم تطأها قدم من قبل ليُصبح الأول والأخير.

سأقنعها يومًا ما فهو ينتظر ..


ساره عاشور

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

فراق


الصدمات القوية المفاجئة يصعب التعافي منها، نحتاج وقت لنوقف الهزات المتتابعة داخلنا جرائها.
موت والدتك يهزك ويتابع في ضرب أعماقك لفترة طويلة تعتقد معها أنه لا نهاية لذلك الإحساس، إحساسك بالفجوة الكبيرة في عمرك، إحساس عدم الإتزان دونها ومحاولتك للتأقلم في الصباحات دونها.

صحوت على بيت خالي منها وظننت أن هذا الكابوس لن ينتهي، قمت بقرص يدي لأتأكد إن كان هذا هو الواقع فعلًا الآن !
أنا الآن في هذا المنزل الخالي، وحدي الآن !

عليَّ أن أذهب لزيارة قبرها، عليَّ أن أتحدث معها حتى لا تشعر بالوحدة دوني كما أشعر الآن دونها.
هل يشعر الأموات بالوحدة حقًا ولذلك يحتاجون منّا الزيارات المتكررة والأحاديث المستمرة لما يدور بحياتنا من بعدهم؟!
أم فقط نحن الذين لا نستطيع تركهم، علينا الحفاظ على هذا الخيط بيننا وبينهم والإمساك به جيدًا وعدم تركه. خيط الأمان ذلك الذي يحافظ علي بقاياهم معنا. فنذهب لنطلعهم على جديدنا حتى لا يعتقدون أننا نسينا أو أننا نُجنبهم عن حياتنا ونهملهم.

ماذا سأحكي لها ! أخشى أن اُحزنها .. هل يشعر الأموات بالحزن مثلنا !
لماذا أستمر في جمعها مع الأموات ؟!
لم تغادرني بعد ولم تجتمع معهم بعد، أعرفها. عليها أن تتأكد أولًا أنني بخير لذلك عليَّ أن أطمئنها حتى تستطيع التأقلم معهم.
لن تجد مشكلة في ذلك، لطالما أحبّها الجميع ولم تجد أي مشكلة مع احد من قبل سوى هؤلاء الذين يظهرون غير ما يبطنون ولا أظنهم يفعلون ذلك بعد موتهم.

عليَّ أن أجد شيئًا قابل للأكل .. عليَّ أن أجلس لأكل دونها، أقطع الطعام وأضعه بفمي وتستطعمه حواسي دون صوتها بجانبي.

كيف يستمرون بعد موت أحبتهم، أين يجدون تلك القوة التي تدفعهم للاستمرار في العالم.
كيف يسير كل هؤلاء الناس بالعالم وبنفس الوقت لا يتركون ذلك الخيط !
لماذا يستمرون هم بحياتهم ولا يتركونهم، دائمًا أنانييون !

عليَّ أن أجد شيئًا مناسبًا ألبسه، وبالطبع يجب أن يكون من الأشياء التي تعجبها.
وأبحث في ملابسي دونها ولا أجد من أغيظ بما لا يعجبها من ملابس أو أحاول أن أسعدها قليلًا بلبس ما يعجبها.

وأخرج من باب الشقة لأواجه العالم وحدي !
وأنزل على سلم لن تلمسه قدماها مجددًا وأخرج لأشم هواء لن يملأ رئتيها وأركب السيارة التي ستبقى لي وحدي من الآن، لن تطلب مني إيصالها لأي مكان ولن أسمع صوتها ولا ضحكتها ولا حتى صوتها الغاضب لأني أتحدث على الهاتف وأنا أقود.

المقابر مُوحشة لم أنتبه لهذا من قبل، لا نهتم بمثل هذه الأشياء إلا عندما يكون هناك من يهمنا في هذا المكان، نُحب أن يكون أحبتنا في أجواء مناسبة لهم. وهي لا تُحب مثل هذه الأماكن التي تصرخ فيك لتُذّكرك كم أنت وحيد في هذا العالم ولا مجال لك أن تصم أذناك عنها ستسمعها في كل خلية وكل قطرة دم ونبضة قلب وذرة هواء تدخل أو تخرج من جسدك، ستسمعها رغمًا عنك.

هاهو قبرها، أمي هنا .. وحدها ..
سأقرأ لها ما تُحب من القراءن، تعشق سورة الرحمن ويس وآية الكرسي للحماية ولكن ممن ستحميها هنا !
سأدعو لها بكل ما ذكروني به وأصروا على أن أحفظ كي أقوله لها عند قبرها هنا، أطلب رحمة الله لها وغفرانه.

وسأبقى قليلًا لأحكي لكِ يا أمي أني بخير لا تقلقي عليَّ .. هل تستطيعين القلق؟
المهم أنني سأستمر بحياتي بالطبع، ليس كأني لا أفتقدك أو شيء كهذا ولكن لأني لا أريد أن أكون أنانية مثلهم فأمسك بخيطي معكِ ولا أتركك في سلام. سأحاول أن أستمر بأيامي المتشابهة الآن دونك، أصحو وأتنفس وأسعد وأحزن وأغضب وأكتئب وأهدأ وبالطبع لن أنسى أن أتنفس في وسط كل تلك الأحداث، يجب أن أتنفس وأتذكر أن اتنفس، شهيق فزفير فحياة بلا طعم.
كان هناك دومًا تلك المساحة الكبيرة التي أشعر بها حولي التي كنتِ تطلين عليها "البراح" تذكرينه؟
"براحي" صار أضيق، كل المساحات تضيق بفراقك.
ولا دفء .. لا شيء سوى ذلك الهواء البارد الذي أعتقد أنها لا يأتي فقط من النوافذ والأبواب بل صار يأتي من الحوائط، كل شيء يدفعني للتجمد وكأنه يُذّكرني وكأني أحتاج تَذكِرة.

لكن كيف لا أكون أنانية فالآن أفهم كيف لهم أن يكونوا أنانيين ولا يتركونكم تذهبون بسلام.
سأكون هنا أبكي وأشكو لكِ عند أول قلب مكسور وسأكون هنا أضحك وأحكي لكِ عمن قابلت وخطف قلبي، سأحكي لكِ بالطبع عن أطفالي ومغامراتهم، سأطلعك على كل سر كما كنت أفعل وأطلب رأيك في كل شيء وأعلم أنكِ ستبقين توجهينني للأفضل، ستبقين بقلبي وحواسي وسأبقى أسمعك صوتي دائمًا .. أريد طبعًا أن أتركك في سلام يا أمي ولكن سامحيني وأعرف أنك ستسامحيني لن أتركك بسلام.


ساره عاشور