"يحدث أحياناً أن نلتقي بأشخاص نجهلهم تمام الجهل ومع ذلك نشعر بإهتمام بهم وبدافع يقربنا منهم قبل أن نبادلهم كلمه واحدة ...
ديستوفسكي"
غابت ..
كانت كالنجم الساطع الذي يمر بسمائك ذات ليلة ويخفت. وعندما هَمّ بتمنّي أمنية كانت قد مرت بحياته وغابت.
أحبها كثيراً، علقت بخلاياه وارتبطت كل ذكرياته الجميلة بها ..
وأحبته أو هكذا تصور ..
مرت نجمته بحياته في أحلك أوقاتها فأضائتها ولهذا تعلق بها كثيراً، كانت تُمثل له ضوء الأمل في وقت الأزمة التي كان يمر بها. كان كل شيء بحياته يسير عكس ما يُريد ويتوقع، ما إن ظهرت هي حتى إعتدل كل شيء وإستقام.
تجاهل ذاك الصوت الصغير داخله الذي حذره منها "مثلها لن يتركك إلا كبقايا مدينة بعد إعصار."
تجاهله ..
فقد كان مأخوذاً بها، هذه التي لا يمكن أن توجد بحياة من هو مثله إلا في الأفلام، وكانت هنا بحياته.
كانت أثارها تظهر عليه بسهولة تستطيع أن تُميز أنه مُتيمٌ .. شروده الدائم، إبتسامته لأنه تذكر كلمة أو موقف معها أو حتى عندما يلمح طيف إبتسامتها أمامه، يرى لونها المفضل في أي شيء حوله، يشم رائحة عطرها مصادفة. يحفظها بكل تفاصيل التفاصيل بداخله. مُتيمٌ هو.
عندما تقابلا صدفة في أحد المصالح الحكومية وكانت تقف تنتظر أن يُنجز لها أي حد ما تُريد دون أن تتعرض لسخافات الموظفين، تطوع هو. أحس وكأنه بأحد الأفلام البطل الهمام الذي يُنقذ الجميلة.
"لا يظهر عليها أن عاشت هنا كثيراً" حدث نفسه وهو يُمسك أوراقها ويحاول أن يخرج منها بأي شيء يُفيده في التعرف عليها.. قدرت له هذا الموقف حاولت أن تُعطيه بعض المال ولكنه رفض بشدة وشعر بالإهانة تأسفت له ولمعت برأسها فكرة "فلنلتقي في المنتصف إذاً، دعني أدعوك للغداء." وإبتسمت فخارت مقاومته ..
هي التي قضيت معظم عمرها بالخارج لم تجد حرجاً في طلبها، وهو أحب تأكيد شعور البطل داخله.
ذهبا لأحد المطاعم التي يراها في الإعلانات فقط. جلسا وتحدثا، لم يخطر بباله أنه سيتحدث بعفوية هكذا معها ولا أنها ستفتح له قلبها وتحكي له كُل شيء عنها. كان يسند رأسه على يده على المنضدة أمامه ويُراقبها وهي تتحدث المشاعر التي تتجلى بعينيها بوضوح، الإبتسامة التي لا تفارق وجهها وهي تتحدث، لاحظ أنها تحاول إخفاء لكنتها الغربية. أحس بأنه بعالم أخر الآن، جلس يُراقبها ويُفكر في كيف سيراها مرة أخرى. أحست بشروده فسألته "أين ذهبت؟"
ابتسم وقال "لا شيء، فقط لا أريد لهذا الوقت أن ينتهي."
واستطرد "أيُمكنني أن أراكِ مرة أخرى؟ هل أستطيع أن أحصل على رقم هاتفك؟ فقط لأطمئن على انتهائك من أوراقك." ثم ضحك بداخله "ياله من عذر غبي. حتماً سترفض.. غبي !"
تفاجأ بها تكتب له رقمها وتعطيه إياه ثم قالت "سأنتظر مكالمتك."
"لماذا لا تستطيعين أن تتقبليني كما أنا؟! أنتِ تعرفتِ عليَّ وأنا هكذا .. بحالتي هذه." تذكر كلماته في أخر مكالمة لهما عندما ضاق بمحاولاتها لتغييره. "لن أسمح لكِ أن تُقللي من قيمتي مرة أخرى .. إنتهينا." وأغلق الهاتف.
بقي ينظر لهاتفه "ماذا فعلت !!!"
"هل أتصل بها مرة أخرى !!
لا .. لن ينفع هذا.
أذهب لرؤيتها .. أنتَ غبي !"
جلس على الكرسي القريب وهو ينظر للأرض وأكتافه متهدلة وكأن العالم بأكمله يجلس عليها. تنهد ووضع يده على رأسه.
تمنى لو كان بالشجاعة الكافية للتراجع عما فعله الآن. تمنى لو كان من أصحاب الأموال والأناقة وهؤلاء الذين يملئون حياتها "ولكن لهذا كانت معي في الأساس .. لأني مختلف !"
رجع برأسه للوراء وأزاح العالم عن كاهله وأسند ظهره ورأسه على المقعد وأغمض عينيه "كانت حُلم .. وكُل حُلم لابد له من نهاية !
لا شيء يبقى للأبد .."فلتذهب هي بأموالها ورشاقتها وأحلامها المحققة دوماً وأصدقائها الغربيين، هي بأنفهها وشعرها وشفاهها وياسمينها المتطاير معها وإبتسامتها ذات الشروق اللانهائي وألوانها وخفة حضورها وأملي بها.
وأبقى أنا كما .. أنا "وحدي".
ساره عاشور
لا يمكن التعامل مع الاختلافات أحيانا ..فبعضها اختلافات قاتلة !
ردحذفعجبتني اوى القصة و غجبتني مدونتك الجميلة سارة
تقبلي مرورى و متابعتي
تحياتي
Ema
حذفشكراً ليكي ونورتي المدونة
دائما ما يُسعدنى..جدااااااا أن اكون من جماهير الصفّ الأول..من الذين يشاهدون الموقف ويرونه ويحسونه ..لا فقط يقرأون كلماتك عنه..
ردحذفلك أزكى تحياتى..
شكراً أسامة
حذفقصة جميلة ومباشرة، لغتها رقيقة رغم بعض الاخطاء البسيطة مثل ( لماذا لا تستطيعي) والصواب لا تستطيعين،
ردحذفتحياتي لك استاذة سارة
تم تصحيح الخطأ.
حذفشكراً جداً لحضرتك
حلوة القصة والفكرة يا سارة
ردحذفتسلم إيدك
جميلة جدا
ردحذفتسلم ايدك
مبدعة كالعادة ياريت تستمري اسلوب كتابتك جميل بجد و يسحبك معاه في عالم اخر
ردحذف