الزمن: منذ ساعتين .. يومين .. شهرين أو سنتين أو بعد دقيقتين ... لا يهم.
المكان: بورما .. سوريا .. فلسطين .. نيجيريا .. البوسنة أو الصومال ... هو أيضاً لا يهم.
ما يهم ..
ما حقاً يهم ..
هو الألاف من الأرواح التي تزهق فقط لإختلافها عن من حولها. أو حتى لأنها رفضت أن تركع.
ما يهم ..
هو الطفل الذي يقتل في هذه اللحظة وفي يده كرة قدم كان يحلم أن يلعب بها مع أباه أو أخاه ثم تلوثت بدمائه وأنت تهتف غاضباً على صندوق تلفازك وهو ينقل لك مباراة فريقك المفضل الذي خسر للتو .. ولا ترى أنت لون الكرة الأحمر مشبعاً بدماء أطفال ماتت مع أحلامها.
ما يهم ..
هي المرأة التي انتقلت بجوار ربها منذ دقائق وهي تحمي طفلها بحضنها، وأنتِ تغضبين على أطفالك لأنهم جروا أمامكِ فقطعوا عليكِ لقطة مهمة من مسلسلك .. ولم تري نزف الشاشة بدماء طفل لم يقو على أن يفهم أن والدته حمته لأخر نفس بهما.
ما يهم ..
من يُهجّر من منزله مضطراً وإلا يُقتل وعائلته .. وأنت تعيد طلاء منزلك وتغيير أثاثه .. ولا ترى الآمال التي تُركت على أطلال منزل كان كُل ركن فيه يعلو بحس الحياة ثم خبا.
ما يهم ..
هو من يتوق لرائحة طعام. من يحلم بكسرة خبز. بشربة ماء نظيفة. بأن فقط ينام ليلته وأطفاله معدتهم نصف ممتلئة. فيما تنهر أنت النادل بالمطعم لأنه لم يقم جيداً بفهم طلب "الاستيك النصف ناضج".
ما يهم ..
هو من ينام ليلته على أصوات قذائف وصواريخ فلا يدري هل يُغمض عينه ليصحى بمكانه أم يُغمضها ولا تُفتح مرة أخرى.
من يرتعد أبنائهم بأحضانهم من الخوف أن يصيروا يتامي فلا يجدوا من يحتموا فيه .. لا يجدوا الـ "بابا" أو الـ"ماما" ولا يجدوا من يدللهم.
من يشعر بفقدانه لإنسانيته .. بعدم إتصاله بهذه الكوكب بما عليه من مليارات تحيا كُلٍ بكونها الخاص.
من يشعر أنه أقل لأنه أسلم .. من قبض على دينه وإحتمل الجمر ..
ما يهم ..
هو كيف تُغمض عينك أنت ليلاً هانئاً فيما غيرك يخشى الكابوس الذي يحيا به فلا يدري إغماضها سينهيه أم هو يُزيده.
ما يهم ..
أن تحفظ جيداً اسم لاعبك الأجنبي المفضل أو بطل نوعية الأفلام التي تُفضلها أو اسم مصمم الأزياء التي تُحبين ارتداء تصميماته .. أحدث أنواع الأجهزة الإلكترونية وسهولة لفظك لكل ما يمت بصلة لما سبق .. ثم تقف حاسة النُطق عنك مشلولة أمام اسم "بورما" أو "أراكان" أو يمكن "سوريا" ولا تعلم أين تقع هذه البلاد وماذا يحدث بها و "ما دخلك أنت بهذا؟" إنها ليست فرق كرة أو أسماء أفلام.
ما يهم ..
أن هناك في عالمنا اليوم .. من يَزل يقتل غيره بإسم إعلاء دينه فلا يؤدي سوى لعكس غرضه تماماً.
ما يهم ..
أني اعتقدت أن إيذاء البشر لإعتناقهم الإسلام توقف عند مشاهد الكفار بالأفلام التي تعاد علينا سنوياً فيما يتجاهلون المشاهد اليومية بالعالم الآن ..
أني حتى الآن لا أتمكن من استيعاب كل هذا القتل.
*الصور من سوريا - غزة - بورما - الصومال - نيجيريا
ساره عاشور
مؤلمة جدا تلك المقارنات التي عقدتيها بين ما يهمنا و ما يهمهم،و ما نهتم بمعرفته و ما نجهله تماما..هذا هو واقعنا المحزن و المخزي،انفصال تام و كامل بيننا و بين من هم المفروض أخوتنا في الدين او في الانسانية،بين ما نعيشه و نتمتع به ،و بين ما يقاسونه و يعذبهم أو يقتلهم..صعب جدا التعليق على كلماتك او على الصور التي نشرتيها و قد رأينا الأف مثلها حتى لكأنها قد اصبحت معتادة، نحتاج العودة الى انسانيتنا و ديننا و وقتها قد نشعر بما يقاسونه و قد نعرف كيف السبيل لنصرتهم او مساعدتهم..لهم الله بعد أن خذلناهم جميعا..
ردحذف