الاثنين، 6 أغسطس 2012

أشياء ..

ربّاه .... أشياؤهُ الصغرى تعذبني.. فكيف أنجو من الأشياء ربّآه؟
- نزار قباني



هل فكرت يوماً أن لهذه الجمادات حولك من أرواح؟
هل فكرت أنها ربما تستمد منا بعض حياة؟
هل تعتقد أنهم يعذبوننا بأشيائهم الملقاة حولك دونهم؟

أنا فكرت ..

هداياهم حولي تُعذبني، تؤنبني كل دقيقة لماذا تركتهم ورحلت !
هداياهم وبها أرواحهم .. أنا متأكدة تماماً من ذلك هم هنا .. حولي .. يسكنون بها .. يهمسون لي ..
وهذه الساعة بدقاتها المتتابعة المملة التي تضرب فوق رأسي .. هي حتماً متحالفة معهم.

أتصورهم عندما لا أكون بالغرفة يحكون لبعضهم عن أصحابهم وعما فعلته بهم. يخططون ماذا سيهمسون لي في المرة القادمة فتقول الساعة: ما عليَّ سوى أن أعلن بدقاتي المتتالية قرب انتهاء عمرها .. أعلن لها هذا الوقت الذي تُمضيه وحيدة. أدق لها الساعة تلو الساعة فتعلم مدى حرمانها من صُحبة من تُحب.
يرد عليها الكتاب: تصوروا ما عادت تطالعني، لم تُمسك بي منذ زمن، أخر مرة لمستني بأصابعها توقفت عن إهدائه الذي تركه داخلي ولم تقرأني. أخشى على حروفي الذوبان من الوحدة.
تنعيهم الوردة الذابلة صامتة .. لم يعد بها روحاً لتحكي مثلهم. تكتفي بالشذى الحزين المتطاير منها.
تتحرك كوفيته على السرير لتقترب منهم: أبات كل ليلة في حضنها، لا يعلم أياً منكم كم الدموع التي تنزل من عيونها الناعسة تستجدي بها النوم في هذه الوحدة.

- أخيراً ظهر لي حليف، هذه الكوفية وفية مثل صاحبها .. كان أحنهم عليَّ.

تُظهر زجاجة العطر بعض الغضب قائلة: نحن نقول لها كل يوم أن هذه الوحدة لا تنفع جميلة مثلها. لكنها لا تستمع لنا .. هي تعتقد أننا مجرد جمادات هدايا أُهديت لها لتترك مهملة بعد ضياع أصحابها في دروب الحياة. يجب أن تعلم أننا هنا ونُحبها كما أحبها أصحابنا. ما جئنا لها إلا بحبهم.
نظرت لهم اللعبة الموجودة على الرف فوق المكتب تنهدت ثم قالت: ألا تعلمون أننا بالفعل جمادات ! نحن نتحدث معاً ونفهم بعضنا لكننا بالنسبة لها ذكريات يمكن أن تكون مؤلمة .. يكفينا أنها لم ترمي بنا في صناديق ليملؤنا الغبار أو حتى لم ترمي بنا في الشارع !
احتفاظها بنا يُبدي أنها بالفعل تمتلك مقداراً من الحب نحو أصحابنا.

- يُلقون لنا بهداياهم في المناسبات أو حتى دون مناسبات وهم ينون أن تكون أشياء تذكرنا دائماً بهم .. وتتم المهمة على أكمل وجه بل وأكثر .. فالهدايا تبقى تحمل الجميل لمن أنقذها من المحلات .. تُنفذ خطة أصحابها بالفعل.
كنت أفكر بهذا بصوت غير مسموع حتى لا يسمعونني.

تلفت في الغرفة أنظر لهم جميعاً بعين الرحمة .. ثم قلت: أنا فعلاً أحبكم وأحب صُحبتكم معي في الغرفة هنا وأقدر خوفكم عليَّ وتُعذبني همساتكم .. أنا أحببت أصحابكم قبلاً ولكنكم الآن ملكي أنا فهلا كان وفائكم الآن لي .. فقط تؤنسوني ..
تحملون لي الغالي من الذكريات ولا أقدر أن أستغني عنكم أبداً ..


.. أشيائهم الملقاة حولنا تحمل لنا قدراً من قلوبهم فلننظر لها بعيون الرحمة والحب ونُقدر لهم أنهم شاركونا ببعضٍ منهم ..

هناك 4 تعليقات:

  1. بالطبع لأشيائهم روح ونفس ورائحة، والا لما تعذبنا اشيائهم لهذا الحد!!

    ردحذف
  2. الجمادات حقا قد تنطق بالأحاسيس ..قد تلهمنا ..و تحتوينا ..أو تقتلنا !

    حلوة اوى يا سارة

    تسلم ايدك

    ردحذف
  3. عندك حق يا سارة فعلا أوفات كتير الواحد بيحس بنبض أو بروح أو حتى بحركة بعض الجمادات حواليه ويمكن حتى تكون بتسمع وتتفاعل

    أسلوبك جميل

    بالتوفيق دايما

    ردحذف