عشر سنوات هي فترة عشرتها معه.
عشر سنوات بين خطوبة ثم زواج وأطفال ولم تقف تقرأ حقيقته سوى الآن !
تأخرت، لم تتأخر لا تستطيع أن تُرجح أياً منهم.
وبعد تجمع كرة الثلج هذه داخلها قررت الآن اطلاقها والتحرر من عبئها ..
جائها كأي عريس يذهب بوالدته ليتبضعان "عروس" المستقبل، يدخلان المنازل للبحث عن "وش القفص" كما كانت تصف والدته هذه العملية. يمر بحالة ضيق نفسي كلما هَمْ بدخول منزل جديد ليجلس مع عائلة جديدة ويخوض نفس الأحاديث المُكررة ويرسم على وجهه نفس الابتسامات .. وما كان يعني أي كلمة من حديثه ولا يعني أي ابتسامة باهتة حدث أن ظهرت على وجهه في وقتها المناسب تماماً. وما فكر يوماً بالحالة النفسية التي تمر بها الفتيات اللاتي ذهب لهن ولم يعد .. لا يهمه سوى نفسه وما يريد.
كان يهمه أن يخلص سريعاً من هذا الصداع الاسبوعي وأن تُسرع والدته في أن تجد له من تناسبه.
أول ما رأته من عيوبه هو اعتماده على والدته كثيراً وخشت على حياتهما معاً من ذلك، فهناك الكثير والكثير من الحكايات المتداولة عن الحموات وخصوصاً المتحكمات من هن. ثم كانت تلاحظ عليه البخل، لم تتأكد من ذلك غير بعد فترة ولكن كان يظهر على ملابسه رغم عمله ذو الراتب العالي أنها مهملة ولا تليق ..
وأبدت اعتراضها وقالت لوالدتها كل ما رأت من عيوب ولكنها لم تنصفها لأنه وحيد والدته ولأن"ضل راجل ولا ضل حيطة .. والبنت ملهاش غير بيت جوزها .. وإنتي خلاص هتنعسي هنا خلينا نخلص بقى ونشوف اخواتك." وانتهى النقاش بأن تم اعلان الخطوبة ثم سريعاً تم الزواج وكأنهم لم يكونوا يريدونها أن تكتشف شيئاً.
لكن كان هناك بعض اشارات، مثل رسالته الدائمة "من فضلك، كلمني .. شكراً" لا تُكلفه شيء وتعنى أنه حان وقت مكالمتهما الروتينية اليومية .. مثل هداياه التي كانت تصفها لوالدتها أنها "ناشفة مثله".
بعد الزواج علمت أنه سبق له الفشل في خطوبتان سابقتان ولكن لم يقول لها السبب فرمى كل المشاكل التي حدثت على البنات وأمهاتهن فهن لسن هنا للدفاع عن أنفسهن ..
بعد مضي عام ومعرفتها بخبر حملها وتأكد شكوكها حول بخل زوجها الذي وضح لها كثيراً وتأكدت كل الاشارات في كل المناسبات التي لحقت زواجهما .. كانت تواسي نفسها بأنها ستنشغل بمولودها الأول عن زوجها وسيبعدها عنه وعندما كانت تفكر في ذلك الحوار مع والدتها وكيف أنها اعترضت على أن والدته هي التي تُدير له حياته لم تلحظ وقتها أنها هي أيضاً تركت لوالدتها ادارة أهم قرار في حياتها وها هي الآن "متدبسة !" ..
لم تكن حماتها كما توقعت بل كانت حنون على عكس زوجها الذي يصل بُخله لمشاعره فتعوضها والدته عن هذا النقص فحمدت الله أنهما يُكملان بعضهما وإلا لكانت رجعت لأهلها بوصمة الطلاق بعد شهرين من الزواج ..
وزاد حنانها عليها بعد علمها أنها سترزق بحفيد أو حفيدة لم يهمها النوع حد اهتمامها بوجود كائن صغير لتعطيه الكثير منها قبل أن تذهب عن عالمه ..
الآن بعد سنوات ووجود طفلين معها، قررت أن تطلب منه الطلاق .. والدته توفت فانتهى ما كان يربطها بهذا المنزل الكئيب.
الآن تلملم ذكريات السنوات وتترك "ضل الراجل" الذي لم تجده لتعود لـ"ضل الحيطة" التي تخلصت منها ضد ارادتها.
تأخذ أولادها لتُشبعهم بعيداً عن بخل والدهما الذي أحست وكأنها باتت تقلده ألا يقولون في الأمثال الشعبية "من عاشر القوم 100 يوم صار منهم !" ما بالك بـ 10 سنوات ! حتماً باتت تحتفظ ببضعٍ من عاداته تحت جلدها رغماً عنها، كانت والدته تقف بينها وبين بخله وبين أن تكتشف هي نفسها كم صارت بخيلة معه؟ كيف تحملت جفافه طوال سنوات وهي تحاول أن ترويه ولكنه لا يشبع ولا يُعطيها !
ولكن ما تراكم طوال سنوات داخلها كان سيأتي له اليوم لينفجر .. و الآن حانت لحظة انفجارها علها تكسر بُور أرضه في طريقها لخارجها.
ساره عاشور
اسلوبك جميل جدا و كتاباتك واقعية و رائعة و مؤثرة جدا، الرجاء في حال الامكان ز يارة صفحتي و افادتي برأيك فأنا كاتبة مبتدئة و شكرا
ردحذفيا الله ،، ما في أصعب من الرجل البخيل فعلاً
ردحذفلأنه بتصير الحياة جحيم بجد
أي شي ممكن الواحد يصبر عليه إلا هالشي لأنه الواحد بحس حاله شحاد
شكراً ع القصة الجميلة والواقعية بحق
ويا ليتها كانت قدرت تاخد هالقرار قبل هالوقت وقبل ما تضيع من عمرها 10 سنين الله اعلم كيف عاشتهم !! والحمدلله إنه أمه كانت كويسة ولا كان ساعتها صار الجحيم جحيمين
أبدعتِ