السبت، 7 يوليو 2012

رسالتها



أمسك بهاتفه وأعاد قراءة الرسالة مرة واثنين وثلاثة محاولاً إستيعاب كل حرف على حدا ولكن دون جدوى.



" كنت أحبكَ أكثر من قدرتي على الحب ..
فانهارت قدرتي على تحمله وتحملك. أنت كل ما تحلُم به أي فتاة ولكن كل هذا فوق قدرتي على الإحتمال.
إنه الملل بعينه عندما أجدني قادرة بكل دقة على توقع كل تصرف وكلمة منك.
أتمنى لك حياة أفضل مع أخرى تتمناك شريك حياتها."

لم يُصدق ما يقرأ. "ماذا كانت تُريد مني بالضبط، أخونها كي أكون خارج توقعاتها !
أضربها مثلاً كي تشعر بأني مختلف عني أو أني ككل الرجال !"

أول مرة وقعت عينها عليه تملكها شعور غريب، هو بمظهره كمن خرج تواً من تصوير فيلم أمام فاتن حمامة. مهندم وجذاب وحضوره أخاذ. فعلت كل ما تعلمه من طرق للفت انتباهه ولكن دون جدوى. فما كان منها إلا أن قامت واتجهت ناحيته وطلبت التحدث معه على إنفراد وأخذت تعرفه على نفسها وهو مأخوذ بجرأتها. تبادل معها أرقام الهاتف كما طلبت منه كان يبدو وكأنها تُملي عليه ماذا يجب أن يفعل .. ما يجب أن يقوله .. وهو مستسلم لها تماماً.

"أنا ممل !"

لم يستطع أن يرد على رسالتها ثم فكر يمكن أن يكون هذا ما تتوقعه هي .. "سأريها كم يمكنها توقع هذا"

وأخذ هاتفه وجلس يكتب لها رسالة بكل عصبية:

"كنت أحبكِ أكثر مما تتحملي أنتِ ..
كنتُ لكِ فوق توقعك، هذا هو ما لم تستطيعي توقعه ولا احتماله.
كنت أعاملك بكل رُقي ولكن هذا ليس سمة هذا العصر. أردتُ أن أعبر بكِ من هذا العصر الباهت في كل مشاعره إلى عوالم ذات أحاسيس أعلى وأرقى ولكن كان هذا فوق قدرتك على الاحتمال كما قلتِ ..
لا تشغلي نفسك بمن يتمناني. وكوني أجمل."

ثم ابتسم ابتسامة انتصار ..

دائماً ما كان يُنهي رسائله لها بمثل هذه العبارات
"كوني أجمل"
"كوني أفضل"
"كوني أصدق"
ما إن رأت جملته الأخيرة في الرسالة حتى بدأت تبكيه.

علم هو أنها حتماً ستندم عليه ويعلم جيداً أنه سيندم عليها .. حتماً سيندم على فقدانها وأكثر بهذه الطريقة التي رأها طفولية ولكن هكذا هي في عصبيتها "طفلة هي" وابتسم.

"ستحاول إصلاح ما فعلته غداً .. ستحاول أن تقنعني أنها كانت نوبة من نوبات عصبيتها التي لا تستطيع أن تتحكم فيها مؤخراً، سأحاول أن أبدو كمن يرفض هذه الحُجج ولكن سيكون قلبي مُشتاقاً لدفئها .. ستحاول أكيد ستحاول." وذهب لينام.

ما إن استيقظ على صوت المنبه حتى أمسك بهاتفه يبحث عن رسالتها أو مكالمتها التي فاتته ولكن لم يجد شيء تثاءب وقال "هو أول اليوم .. حتماً ستحاول"

ذهب لعمله وهاتفه كمن لصقه بيده .. كل 5 دقائق يتفقد رسائله .. كل ثانتين ينظر له علّه يُنمي قدرة خارقة تجعلها تتصل به الآن وصرخ بهاتفه "الآن" ثم تلفت حوله وتنهد بارتياح عندما وجد نفسه وحيداً .. لم يهتم بما فعله طوال اليوم بالعمل لا يتذكر من قابل وبماذا تحدث. كان فقط يحاول أن يجعل اليوم يمُر.

عندما ذهب للمنزل تفقد ألة تسجيل الرسائل ولكنها كانت خالية هي الأخرى.

"هي توقعتني فعلاً !
وأنا لم أتوقع قسوتها"


ساره عاشور

هناك 5 تعليقات:

  1. يالهي كم هي رائعة ..
    كلمات نابضة ...

    متابعة لك :)

    ردحذف
  2. بعض توقعاتنا مؤلمه وبعضها مدمر
    قصه اكثر من رائعه
    دمتِ مبدعه :)

    ردحذف
  3. نفسى أعرف إزاى بتكتبى حلو كدا..ما يكتبش الكلام البركانىّ المشاعر دا إلا خليّة من خلايا الاُذَين أو البُطَين..او اقصد خلايا القلب ..اللى عاشت وحسّت وقلقت وفرحت وحزنت وبكت وابتسمت..
    تحياتى العطرة لاحساسك ولقلمك

    ردحذف
  4. رائعة جدا قصتك يا سارة،اسف على تقصيري في الزيارة و لكن الأكيد انني الخاسر الوحيد لأني أفوت هذه الروائع..سعدت جدا بوجودي هنا..تحياتي

    ردحذف
  5. رائعة جدااااااا
    ماشاء الله على احساسك

    ردحذف