الأحد، 15 يوليو 2012

هدوء


إرتباطها بأحمر شفاهها كإرتباطه بقهوته الصباحية.
لا تستطيع أن تغادر منزلها دون أن تضعه، ولا يمكنها أن تتحرك إلا وهو في حقيبة يدها. نفس درجة اللون لا تتغير ونفس الماركة.

يرجع كل هذا إليه.

أثنى يومًا على اللون الذي كانت تضعه في إجتماع ذلك اليوم، فلم تغيره منذ ذلك الوقت.
تحبه في صمت ويبادلها الحب بنفس المقدار وأكثر. ولكنهم الهادئون دائمًا ما يضيعون على أنفسهم فُرص العمر.

لا تستطيع أن تبوح له بحبها خوفًا من ألا يكون يحمل لها نفس المشاعر وهو يخشى البوح أيضًا لنفس السبب.

يتحدثان تليفونيًا خارج أوقات العمل بشكل يومي، يخترعون الأسباب لكي يتصل أيًا منهما بالأخر. يبدأ الحديث عن العمل ثم يذهب لأي شيء أخر. حدثته عن حبها لإرتباطه بالقهوة الصباحية فقال لها إنه لا يداوم عليها كل يوم ولكن منذ أن قالت له ذلك أصبحت القهوة عادة مقدسة عنده. لا يمكنه أن يبدأ يومه إلا بالقهوة وإلا لن تستقيم الأمور أمامه. 

يُحبها، يُحب كل ما يصدر منها، يحاول دائمًا إضحاكها ليُراقب وجهها وهو يُنير بإبتسامتها. يُحب أنفها الدقيق وشفاهها واللون الذي تختاره. يُعجبه أناقتها ولون شعرها. وصوتها يجعله بين السحاب.
يراقبها دومًا من دون أن تشعر لا يحاول أن يبوح لها بحبه خوفًا من أن تصده.

تُحبه وتُحب صوته الرجولي، يُشبع حواسها مجرد سماع صوته. تلاحظ عاداته وتُحب أنه منظم في كل ما يفعل. تُحب عينيه ووجهه وشعره. وتضحك دائمًا على نكاته. يَعجبها ضحكته الخجولة.

لم يلحظ أيًا منهما -رغم مراقبتهما الدائمة لبعضهما- تمسُّك كل منهما بما أعجب الأخر بعدما أثنى عليه، هي وأحمر الشفاه وهو والقهوة.

يلاحظ كل زملائهم إرتباطهما ببعضهما، ويقولون عنهم دومًا أنهما خُلقا حتمًا لبعضهما ولكنه هدوئهما هو العائق.

تعطلت سيارتها ذات يوم فعرض أن يُوصلها ترددت ثم وافقت، قضيا نصف المسافة تقريبًا صامتين رغم أنهما لا يكفان عن التحدث في الهاتف. يراقبان الطريق ونظرات مختلسة للأخر.
تجرأ هو وسألها عن حياتها العاطفية، إبتسمت وقالت له أنه لا يوجد أي أحد بحياتها غير عملها، ملئه الفرح وحاول ألا يظهر هذا عليه. وانتظر منها أن تسأله نفس السؤال ولكنها صمتت. فتحول فرحه لخوف وتردد، عندما تشجع للحديث معها ظن أنها تصده.

وهي فرحت جدًا بسؤاله هذا وانتظرت أن يُكمل بالحديث عن الزواج ولكنه صمتت. فحزنت وبقيت تنظر في الفراغ الذي يملئه السيارات والناس.
وصلت لمنزلها شكرته وبقي هو يُراقبها إلى أن وصلت لباب المصعد فتجرأ ونزل من سيارته ولحق بها، سألها: "أتقبلين أن تُكملي عمركِ معي؟"
نظرت في الأرض فتملكه الرعب ..
ثم عندما نظرت إليه ورأى الفرحة ترقص بعينها فتحول رعبه لرقصة فرح ..


ساره عاشور

هناك 8 تعليقات:

  1. ياليت قومى يعلمون..بجد حفظ الله احساسك وقلمك..انت تجيدين العزف على أوتار النفس يا أستاذة سارة..دائما فى قصصك أحس وكأننى المشاهد فى مسرحيتك عيناُ..لا مجرد قارئ

    ردحذف
    الردود
    1. رااااااااااااااائعه بالفعل ...بتصويرك ادق التفاصيل ...باركك الله ووفقك ساررررررررره عاشوووووووووووووووووووووووور :)

      حذف
  2. نهاية غير متوقعة تمامًا
    تبادر إلى ذهني أن النهاية حزينة
    وأن الصمت قد أضاع فرصتهما

    أثني على شجاعته وخرقه لجدار الصمت :)


    رائعة بصدق رائعة

    ردحذف
  3. نهاية اسعدتنى شخصيا" :))

    جميلة جدا سارة

    تحياتى :)

    ردحذف
  4. رومانسية ناعمة رقيقة مكتوبة بإحساس عالي وطريقة سرد جميلة

    أجمل مافي الحب لحظة البوح به.. كلمة مش فاكر مين قالها .. لكنها حقيقية

    أحسنتِ

    بالتوفيق دايما

    ردحذف
  5. انا سقفت والله العظيم اول مطلب ايديها ههههههه
    ربنا يسعد كل حبيبين يارب ويجمعهم في الحلال

    ردحذف
  6. جمييييلاه .. والنهايه عجبتني اوووي .. مع اني بحب النهايات الحزينه .. بأتصار القصه رووعه <3

    ردحذف
  7. جميلة اوى

    تسلم ايدك

    ردحذف